nezha maroc عضو مشارك
عدد المساهمات : 41 نقاط : 80 السٌّمعَة : 6 تاريخ الميلاد : 09/11/1988 تاريخ التسجيل : 17/12/2013 العمر : 36
| موضوع: حاجتنا إلى حسن الخلق الإثنين ديسمبر 23, 2013 7:56 pm | |
| الحمدُ لله الذي انْعم علينا بالإسلام، وَ رزقـنَـا هذه الهداية بعد الجهْل والضَـلال،
وصلّى الله على سيّدنا محمّد الهادي البشير، وَ السّراج المنـير،
وعلى آله وصحْبه، ومَنْ تَبعه إلى يوْمِ الدين ..
وبـعْـد ..
السلامُ عليكم و رحمةُ اللهِ و برَكاته
أخوتي و أخَواتي في الله أتمنى مِنْ الله عز و جل أن تكونوا جميعاً بأفضل حال حاجتنا إلى حسن الخلق
الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -.
الأسوة الحسنة -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس خُلقًا:
قال -تعالى-: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)[الأحزاب: 21]. وقال -تعالى- مادحًا نبيه: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم: 4].
وعن قَتَادَة قَالَ لعائشة - رضي الله عنها -: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ! أَنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَتْ "فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ كَانَ الْقُرْآنَ"[1].
وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا"[2].
ويقول العلامة السعدي -رحمه الله - في تفسيره: " وقوله - تعالى -: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) أي: عاليًا به، مستعليًا بخلقك الذي من الله عليك به، وحاصل خلقه العظيم، ما فسرته به أم المؤمنين، عائشة -رضي الله عنها- لمن سألها عنه، فقالت: "كان خلقه القرآن"، وذلك نحو قوله - تعالى - له: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ)[الآية]، (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيُصُ عَلَيْكُم بِالمْؤُمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ).
وما أشبه ذلك من الآيات الدالات على اتصافه -صلى الله عليه وسلم- بمكارم الأخلاق، [والآيات] الحاثات على الخلق العظيم، فكان له منها أكملها وأجلها، وهو في كل خصلة منها، في الذروة العليا، فكان - صلى الله عليه وسلم - سهلاً لينًا، قريبًا من الناس، مجيبًا لدعوة من دعاه، قاضيًا لحاجة من استقضاه، جابرًا لقلب من سأله، لا يحرمه، ولا يرده خائبًا، وإذا أراد أصحابه منه أمرًا وافقهم عليه، وتابعهم فيه إذا لم يكن فيه محذور، وإن عزم على أمر لم يستبد به دونهم، بل يشاورهم ويؤامرهم، وكان يقبل من محسنهم، ويعفو عن مسيئهم، ولم يكن يعاشر جليسًا له إلا أتم عشرة وأحسنها، فكان لا يعبس في وجهه، ولا يغلظ عليه في مقاله، ولا يطوي عنه بشره، ولا يمسك عليه فلتات لسانه، ولا يؤاخذه بما يصدر منه من جفوة، بل يحسن إلى عشيره غاية الإحسان، ويحتمله غاية الاحتمال - صلى الله عليه وسلم –[3].
وكما ثبت في الصحيحين عن أَنَسٍ قَالَ: خَدَمْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ قَطُّ، وَمَا قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَهُ، وَلَا لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ لِمَ تَرَكْتَهُ، وكان رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا"[4].
وعن أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: "لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - سَبَّابًا، وَلَا فَحَّاشًا، وَلَا لَعَّانًا، كَانَ يَقُولُ لِأَحَدِنَا عِنْدَ الْمَعْتِبَةِ: "مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ"[5].
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا ضَرَبَ رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ - عز وجل –[6].
مبعثه -صلى الله عليه وسلم- ليتمم صالح الأخلاق ومكارمها:
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: لَمَّا بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لِأَخِيهِ: "ارْكَبْ إِلَى هَذَا الْوَادِي، فَاعْلَمْ لِي عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ يَأْتِيهِ الْخَبَرُ مِنْ السَّمَاءِ، وَاسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ، ثُمَّ ائْتِنِي، فَانْطَلَقَ الْأَخُ حَتَّى قَدِمَهُ وَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِي ذَرٍّ، فَقَالَ لَهُ: رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَكَلَامًا مَا هُوَ بِالشِّعْرِ...))[الحديث(7)].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ صَالِحَ الأَخْلاَقِ))[8].
وفي قوله - تعالى -: (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ)[البقرة: 151].
يقول الإمام ابن كثير - رحمه الله – في "تفسيره": يُذكر -تعالى- عباده المؤمنين ما أنعم به عليهم من بعثة الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - إليهم، يتلو عليهم آيات الله مبينات وَيُزَكِّيهم، أي: يطهرهم من رذائل الأخلاق ودَنَس النفوس وأفعال الجاهلية، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ويعلمهم الكتاب -وهو القرآن -والحكمة - وهي السنة -ويعلمهم ما لم يكونوا يعلمون. فكانوا في الجاهلية الجَهْلاء يُسفَهُون بالقول الفرَى، فانتقلوا ببركة رسالته، ويُمن سفارته، إلى حال الأولياء، وسجايا العلماء فصاروا أعمق الناس علمًا، وأبرهم قلوبًا، وأقلهم تكلفًا، وأصدقهم لهجة. وقال - تعالى -: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ)[آل عمران: 164].
محبة الله - تعالى - لمعالي الأخلاق وأحسن عباده خُلقًا:
عَنْ عَامِر بْنِ سَعْدِ أَبِيهِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((إِنَّ اللهَ - تعالى - كَرِيْمٌ يُحِبُّ الْكُرَمَاءَ، جَوَادٌ يُحِبُّ الْجَوَدَةَ(1)، وَيُحِبُّ مَعَالِي الأَخْلاَقِ، وَيِكْرَهُ سَفْسَافَهَا))[9].
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ: ((إِنَّ اللهَ - عز وجل - جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُود، وَيُحِبُّ مَعَالِيَ الأخْلاَقِ وَيُبْغِضُ سَفْسَافَهَا))[10].
وعن أُسامةَ بنِ شَريكٍ قالوا: فأي الناس أحب إلى الله يا رسول الله؟ قال: ((أحَبُّ عِبادِ الله إِلَى الله، أحْسَنُهُمْ خُلُقاً))[11].
حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمن حسن خلقه وقربه منه يوم القيامة:
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا، وَلاَ مُتَفَحِّشًا، وَقَالَ: إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاَقًا))[12].
وفي رواية: وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ: ((إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا))[(13].
وعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي فِي الآخِرَةِ، مَحَاسِنُكُمْ أَخْلاَقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ، وأَبْعَدَكُمْ مِنِّي فِي الآخِرَةِ، مَسَاوِئُكُمْ أَخْلاَقًا، الثَّرْثَارُونَ، الْمُتَفَيْهِقُونَ، الْمُتَشَدِّقُونَ)[14].
حسن الخلق أثقل شيء في ميزان العبد يوم القيامة:
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه -: عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَل فِي الْمِيزَان مِنْ حُسْن الْخُلُقِ))[15].
وعَنْهُ - رضي الله عنه -: عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((مَنْ أَعْطَى حَظَّهُ مِنَ الرِّفْق فَقَدْ أُعْطِىَ حَظَّهُ مِنَ الْخَيْر، وَمَنْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ فَقَدْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنَ الْخَيْر، أَثْقَلُ شَيْءٍ فِي مِيْزَان الْمُؤْمِن يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَإِنَّ اللهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِش الْبَذِىّء))[16].
حسن الخلق أكثر ما يدخل الناس الجنة:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَكْثَرِ مَا يَلِجُ النَّاسُ بِهِ النَّارَ؟ فَقَالَ: ((الأَجْوَفَانِ: الْفَمُ، وَالْفَرْجُ، وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يَلِجُ النَّاسُ بِهِ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: حُسْنُ الْخُلِقِ)).
وفي رواية: ((أَكْثَرُ مَا يَلِجُ بِهِ الإِنْسَانُ النَّارَ الأَجْوَفَانِ: الْفَمُ، وَالْفَرْجُ، وَأَكْثَرُ مَا يَلِجُ بِهِ الإِنْسَانُ الْجَنَّةَ: تَقْوَى اللهِ - عز وجل -، وَحُسْنُ الْخُلُقِ))[17].
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ، لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ، لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ))[18].
أكمل المؤمنين إيمانًا وخير المسلمين وأفضلهم أحسنهم خلقًا:
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا))[19].
وعَنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُهُمْ خِيَارُهُمْ لِنِسَائِهِمْ))[20].
وفي رواية: ((خَيْرُكُمْ إِسْلَامًا أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا، إِذَا فَقُهُوا))[21].
وفي رواية: ((خَيْرُكُمْ فِي الْإِسْلَامِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا إِذَا فَقُهُوا))[22].
وفي رواية: ((أفضلُ الْمُؤْمِنينَ إسْلاماً، مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ وَيَدِه، وأفْضَلُ المُؤْمِنينَ إيمَاناً أحْسَنُهُمْ خُلُقاً، وأفْضَلُ المُهاجِرِينَ مَنْ هَجَرَ ما نَهى اللَّهُ - تعالى - عَنْهُ، وأفضلُ الجهادِ منْ جاهَدَ نَفْسَهُ في ذاتِ اللَّهِ - عز وجل -))[(2].
حسن الخلق خير ما أُعطي الناس:
عَنْ أُسَامَةَ بن شَرِيكٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- بِعَرَفَاتٍ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَكَأنَ عَلَى رُءُوسِ أَصْحَابِهِ الطَّيْرُ، فَجَاءَتْهُ الأَعْرَابُ مِنْ هَهُنَا وَهَهُنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلَيْنَا حَرَجٌ فِي كَذَا وَكَذَا؟ عَلَيْنَا حَرَجٌ فِي كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: عِبَادَ اللَّهِ، رَفَعَ اللَّهُ الْحَرَجَ إِلا مَنِ اقْتَرَضَ مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ ظُلْمًا فَذَلِكَ الَّذِي حَرَجَ وَهَلَكَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَتَدَاوَى؟ قَالَ: تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ - عز وجل - لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً إِلا الْهَرَمَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا خَيْرُ مَا أُعْطِيَ النَّاسُ؟ فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ لَمْ يُعْطَوْا شَيْئًا خَيْرًا مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ))[24].
رفع درجات من حسن خُلقه:
عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((إِنَّ الرَّجُلَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَات قَائِمِ اللَّيْلِ صَائِمِ النَّهَارِ))[25].
البر حسن الخلق:
عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ الأَنْصَارِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: سَأَلْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: عَنِ الَبِرِّ وَالإِثْمِ؟ فَقَالَ: ((الِبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ))[26].
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ))[27].
يقول الإمام ابن رجب - رحمه الله - في" جامع العلوم والحكم": "وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ".
هذا من خصال التقوى، ولا تتم التقوى إلا به، وإنما أفرده - صلى الله عليه وسلم - بالذكر للحاجة إلى بيانه، فإن كثيرًا من الناس يظن أن التقوى هي القيام بحق الله، دون حقوق عباده، فنص له على الأمر بإحسان العشرة للناس[28].
وعن عبد الله بن عمر: أن معاذ بن جبل أراد سفرًا، فقال: يا رسول الله أوصني، قال: ((أعبد الله، و لا تشرك به شيئًا)) قال: يا رسول الله! زدني. قال: ((إذا أسأت فأحسن)) قال: يا رسول الله! زدني. قال: ((استقم، ولتحسن خلقك))[29].
وعن قتادة قال: كان يقال مثل المرأة السيئة الخلق كالسقاء الواهي في المعطشة، ومثل المرأة الجميلة الفاجرة كمثل خنزير في عنقه طوق من ذهب[30].
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو ربه في الاستفتاح للصلاة بأن يهديه لأحسن الأخلاق ويصرف عنه سيئها، بقوله: ((وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأَخْلاقِ، وَلا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا، وَلا يَصْرِفُ عَنْ سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ...)) الحديث[31].
ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وخَطايايَ كُلَّها، اللَّهُمَّ أنْعِشْنِي واجْبُرْنِي، واهْدِني لِصالِحِ الأَعْمالِ والأَخْلاقِ، فإنَّهُ لا يَهْدِي لِصالِحِها ولا يَصْرِفُ سَيِّئَها إلاَّ أنْتَ))[32].
الأخلاق بين الطبع والتطبع:
وكما يكون الخُلقُ طبيعة، فإنه قد يكون كسبًا، بمعنى أن الإنسان كما يكون مطبوعًا على الخلق الحسن الجميل، فإنه أيضًا يمكن أن يتخلق بالأخلاق الحسنة عن طريق الكسب والمرونة.
ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأشج عبد القيس: ((إِنَّ فِيكَ خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ الْحِلْمُ وَالأَنَاةُ)). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَتَخَلَّقُ بِهِمَا أَمِ اللَّهُ جَبَلَنِي عَلَيْهِمَا؟ قَالَ: ((بَلِ اللَّهُ جَبَلَكَ عَلَيْهِمَا)) قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ))[33].
فهذا دليل على أن الأخلاق الحميدة الفاضلة تكون طبعًا وتكون تطبعًا، ولكن الطبع بلا شك أحسن من التطبع؛ لأن الخلق الحسن إذا كان طبيعيًا صار سجية للإنسان وطبيعة له، لا يحتاج في ممارسته إلى تكلف، ولا يحتاج في استدعائه إلى عناء ومشقة، ولكن هذا فضل الله يؤتيه من يشاء، ومن حُرم هذا - أي حُرم الخلق عن سبيل الطبع - فإنه يمكنه أن يناله عن سبيل التطبع، وذلك بالمرونة، والممارسة، ومجاهدة النفس لابتغاء مرضاة الله، وثق بأنه سيوفقك الله إلى أحسن الأخلاق، لقوله - تعالى -: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)[العنكبوت: 69][34].
يقول الإمام ابن كثير في"تفسيره: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا) يعني: الرسول، صلوات الله وسلامه عليه، وأصحابه، وأتباعه إلى يوم الدين: (لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)، أي: لنُبَصرنهم سبلنا، أي: طرقنا في الدنيا والآخرة.
وعن عبد الله -رضي الله عنه- قال: إنَّ الله -تعالى- قَسَمَ بَينَكُم أَخلاقَكُم كَما قسمَ بَيْنَكُم أَرزَاقَكُم، وإنَّ الله -تعالى- يُعطِي المَالَ مَن أَحَبَ ومَن لا يُحِبُّ، ولا يُعْطِي الإيمانَ إلا مَن يُحِبُ، فَمَن ضَنَّ بالمَالِ أنْ يُنْفِقَهُ، وخَافَ العَدوَّ أنْ يُجَاهِدَهُ، وهَابَ الليلَ أنْ يُكَابِدَهُ، فَليُكْثِر مِن قَول: لا إِلهَ إِلا الله، وسُبْحَانَ الله، والحَمدُ لله، والله أَكْبَرُ"[35].
(1)مسلم (746).
(2)البخاري(6203)، ومسلم(2150).
(3)تفسير الكريم الرحمن "للإمام السعدي - رحمه الله -()
(4)البخاري برقم (6038) ومسلم (2309)، وأحمد(13044)، وأبو داود(4774)، والترمذي(2015).
(5) البخاري(6031)، وأحمد في "المسند"(12296).
(6) البخاري(6853)، ومسلم(2328) واللفظ له، وأحمد(25756)، وأبو داود(4785)، وابن ماجة(1984) (7) البخاري(3861).
(8) أخرجه أحمد (8939) تعليق شعيب الأرنؤوط: صحيح وهذا إسناد قوي رجاله رجال الصحيح غير محمد بن عجلان فقد روى له مسلم متابعة وهو قوي الحديث، و"البُخاري" في "الأدب المفرد"(273) وصححه الألباني في "الصحيحة"(45).
(*) جودة: جمع جَوَاد، هو المبالغ في الكرم، وقيل: الجَوَاد: هو الّذي يُعطِي بلا مَسأَلة صيانةً للآخِذ من ذُلِّ المسألة.
(*) وقال الشاعر: وما الجُودُ منْ يُعْطِي إِذا ما سأَلْتَه... ولكنَّ مَن يُعطِي بغَيْر سُؤال.
(*) سفسافها: حقيرها ورديئها.
(9) تاريخ دمشق لابن عساكر [14 / 289]، تعليق الألباني "صحيح"، صحيح الجامع [1800].
[10] حلية الأولياء [5 / 29]، تعليق الألباني "صحيح"، صحيح الجامع [1744].
[11] صحيح: أخرجه الطبراني (471)، قال المنذري (3/274): رواته محتج بهم في الصحيح. وقال الهيثمي (8/24): رجاله رجال الصحيح، وابن حبان (486) قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح، والطبراني في الأوسط (6380)، والحاكم (8214) وسكت عنه الذهبي، وصححه الألباني في" صحيح الجامع"(179).
[12] البخاري(3759).
[13] البخاري(6035)، ومسلم(2321)، وأحمد في "المسند" (6818)، والترمذي(1975).
[14] صحيح: رواه البخاري في" الأدب المفرد (633)، وأحمد(17767، 17778) تعليق شعيب الأرنؤوط: حسن لغيره، وابن حبان في"صحيحه"(482، 5557) وقال شعيب الأرنؤوط: رجاله ثقات على شرط مسلم، والبيهقي في"شعب الإيمان"، وصححه الألباني في" صحيح الجامع"(1535)، والترمذي (2018) عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -.
[15] صحيح: رواه أحمد في"المسند"(27536، 27577) تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح، وأبو داود [4799] تعليق الألباني "صحيح".
(*) البذي: هو الردي والقبيح من الكلام.
[16] البخاري في الأدب المفرد [464] باب الرفق، تعليق الألباني "صحيح".
[17] أخرجه أحمد (7894، 9085، 9694)، والبُخاري في "الأدب المفرد"(289، 294)، وابن ماجة (4246)، والتِّرمِذي (2004)، وابن حِبَّان(476) وحسنه الألباني.
[18] حسن: رواه أبو داود(4800) قال الشيخ الألباني: حسن (19) صحيح: رواه أبو داود (4682)، وابن حبان في "صحيحه" وصححه الألباني في"صحيح الجامع" (1230).
[20] صحيح: رواه أحمد(7396) تعليق شعيب الأرنؤوط: صحيح وهذا إسناد حسن رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عمرو فمن رجال أصحاب السنن، والترمذي(1162)، وابن حبان(4176)، وصححه الألباني في" صحيح الجامع"(1232).
[21] صحيح: رواه أحمد في" المسند"(10068، 10245) تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم (22) صحيح: رواه أحمد في" المسند"(10237) تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة فمن رجال مسلم.
[23] أخرجه الطبراني (13/18 رقم 26). وأخرجه أيضاً: ابن نصر في تعظيم قدر الصلاة (2/600، رقم 639)، وصححه الألباني في" صحيح الجامع" (1129).
[24] صحيح: رواه أحمد(18477) تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه لم يخرج له سوى أصحاب السنن، وابن حبان (6061)،، وابن ماجة(3436) وصححه الألباني في"صحيح الجامع"(1977).
[25] رواه الحاكم [199] كتاب الإيمان، تعليق الحاكم "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه وشاهده صحيح على شرط مسلم"، تعليق الذهبي في التلخيص "على شرطهما"، تعليق الألباني "صحيح"، صحيح الجامع [1620]، الصحيحة [794].
[26] مسلم (2553)، والبخاري في "الأدب المفرد"(295)، وأحمد في "المسند" (17668)، الترمذي (2389).
[27] حسن: أخرجه أحمد (21681، 21732، )، والدارِمِي(2791)، و"التِّرمِذي"(1987) وحسنه.
[28] جامع العلوم والحكم" ط. دار المنار ومكتبة فياض. الطبعة الأولى (1/185).
[29] حسن: رواه الطبراني، والحاكم في" المستدرك"(179)، والبيهقي في "شعب الإيمان"، وحسنه الألباني في " صحيح الجامع" (951).
[30] رواه عبد الرزاق في"مصنفه"(20600).
[31] مسلم(771)، وأحمد(803)، وأبو داود(760)، والترمذي(3421، 3422)، والنسائي (897) عن علي بن أبي طالب.
[32] حسن: رواه الطبراني في"الكبير"وحسنه الألباني في " صحيح الجامع " (1266).
[33] رواه مسلم(17) عن ابن عباس، وأبو داود(5225) عن أم أبان بنت الوازع بن زارع عن جدها زارع، واللفظ له، ومسلم(18)عن أبي سعيد الخدري.
[34] مكارم الأخلاق " للعلامة محمد بن صالح العثيمين حتى قوله-والممارسة.
[35] صحيح موقوف في حكم المرفوع:رواه البخاري في"الأدب المفرد"(275) وصححه الألباني في (الصحيحة) (2714)..
| |
|
mahmadawad مشرف
عدد المساهمات : 10 نقاط : 24 السٌّمعَة : 5 تاريخ الميلاد : 04/02/1993 تاريخ التسجيل : 20/12/2013 العمر : 31 الموقع : shbabcairo.ahlamontada.com
| موضوع: رد: حاجتنا إلى حسن الخلق الخميس مارس 20, 2014 5:55 am | |
| | |
|